منتدى الشعوب
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الشعوب
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدى
منتدى الشعوب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
abfelhamid10
الاعضاء
عدد المساهمات : 5055
تاريخ التسجيل : 24/01/2011

رواية ....الرخام الأسود 2 Empty رواية ....الرخام الأسود 2

الثلاثاء يناير 24, 2012 1:46 pm
<table class="tborder" id="post2120965" align="center" border="0" cellpadding="6" cellspacing="1" width="100%"><tr><td class="alt1" id="td_post_2120965">

دخل كريم الى غرفة خضراء ، لا تزال صورتها فوق الطاولة تحتفظ بتلك
الابتسامة النابعة من عمق البراءة ، تتحدى الراهن ،تملأ بنظرتها فضاء النفس
، أخذها ينظر اليها بعيون الشوق الهمعة ، تعيده الى سن الطفولة ، الى
قهقهتها ،غنجها ،دلعها ، صوتها الجميل و هي تنشد ، رقطاتها ،تمايلاتها و هي
تمشي ، كيف كانت تجري و تختفي خلف الأثاث و تحت الأسرة ، كانت تملأ البيت
بالحياة ،حتى العمة نونة اخترقت سكونها ، و كانت تقطف من ثغرها الابتسامات ،
عندما كان يضربها ، تبكي ، فاذا صاح كالديك وانفظ بدراعيه غلبها الضحك ،
فتمتزج في محياها الدمعة بالسرور ، لترسم أجمل و أروع صورة للبراءة و
التسامح ، فاذا سألوها من ضربها تقول باستحياء و خبث ...ضربني زوجي
...فيضحك الجميع ...
لا يزال يذكر كل التفاصيل ، كانت تكبر بسرعة ، تشكلت فيها مظاهر الأنوثة
الحالمة ، كأنها وردة تتفتح كل يوم أكثر و تزداد جمالا ...بعد المراهقة بدأ
يكتسحها الشرؤد من حين الى حين ، و أمست تحب الاعتزال ، ازدادت جمالا
واختفت حيويتها واندثرت قهقهتها و غارت بسمتها ...لا تعرف الفراغ ، من
الثانوية أو معهد الشيه الطبي الى المطبخ ، أول من يقوم من النوم هي و آخر
من ينام ، تخدم الجميع ، تهتم بالجميع ، و لا يذكرها أحد ، ما رأى أمه يوما
حضنتها أو أرفقت بها ، في حين كانت أخته ثورة مثل الأميرة ، الآمرة في كل
شيء ، أطيب الأكل اليها و أجمل اللباس لها ، وحدها لها الحق في النزهة و
السفر و الذهاب الى البحر و المخيمات الصيفية ...خضراء لا تطلب شيئا ...
الغريب في الأمر أنها لا تشتكي أبدا ، حتى عندما تمرض تختفي ، ولا من يسأل
عنها ، وحده هو يذهب اليها و يشتري لها الدواء ، في عيد ميلادها هو وحده
أيضا الذي يقول لها عيد ميلاد سعيد ، و يقدم لها هدية ، كان بهذا يستعيد
لها شيئا من بسمة زمان ممزوجة بدموع أخرى ، تأخذها و تجري كالطفلة الى
غرفتها ، الشيء الوحيد الذي كانت تحافظ عليه هو مظهرها ، رغم بساطة ملابسها
، كانت تظهر كعارضة أزياء ، تؤجج نار الغيرة في ثورة التي كانت مثل السلك
،بيضاء بلقاء و حديدية الوجه ، صورة طبق الأصل للأم بلسان أطول و أحد ،
توقفت عن الدراسة في الطور الابتدائي لغياباتها المتكررة و تستر ألأم عنها
فطردوها ...
الصمت هنا سيد الموقف ، لأن السكون يروي قصيد مآثر خضراء ، ينشدها الوجدان و
يعزف لحنها ألم الفراق على ايقاع الزفرات المتتالية ...آآآه و آآآه ..لقد
أخذت معها كل معاني الفء و نبضات الأمل ، حتى الساعة توقفت متحدية مسيرة
الزمن لتسجل أثر ما كان هنا . لم تأخد من أمتعتها شيئا و هي في مقام العزاء
...فتح الدولاب ،ملابسها مطوية على الرفوف و معلقة ، كانت خياطة بارعة و
طباخة ماهرة ، يتصورها في كل بدلاتها ، رشيقة القد ممشوقته ، واسعة العينين
، طويلة الرقبة ، ناهدة الصدر ، ضيقة الخصر ....يوم جاءت بها أمه ، كان لا
يزال طفلا ، استغرب لكونها سوداء ، يهز بها المهد و يشد لها الرضاعة ،
يساعده على ذلك عمي المبروك بامبرا ، صديق العائلة ، يمزح دائما و يقول ،
أنا اليوم شريك معكم بخضراء ، كان هذا الكلام يربك الأم ويتلون وجهها ، ما
شعر بانسحابه من العائلة وانقطاع زياراته التي كانت يومية أنذاك ... و
تبادرت الى ذهنه فكرة ..و من يدري لعلها تكون عنده ، أو يكون عل علم مكان
وجودها ، فخرج مسرعا ...
عمي المبروك رجل أسود ،طويل ، عريض الصدر ، بيضاوي الرأس ، أبيض العينين ، و
اسع الفم ، عريض الأنف ، صغير الأذنين ...اجتمعت في وجهه علامات الشقاء ،
تغطيها الطيبة و براءة الأطفال ، سهل المراس ، لين الاندماج، طليق اللسان
كثير التنكيت ، بارع في رواية الأساطير و كرامات الأولياء و الصالحين ،
هكذا كان ريحا مرسلة بكلماته الطيبة طوال حياته ، عندما يتكلم عن نفسه كأنه
يسلخ ذاته أو يجلدها و هو يبتسم ، انه الهم الذي يضحك ...
لما دخل كريم عليه كان جالسا ، فقام اليه و أجلسه في مكانه و هو يغمره
بالترحيب و يحتويه بتلك الابتسامة اللطيفة التي تبعث في النفس الارتياح و
الأنس ، كان عمي المبروك يحضر شاي المساء ، تراه و كأنه الفنان أو الساحر ،
يمارس حركات تحت تأثير الهام روحاني لصناعة متعة الفرجة في تحضير الشاي
...
جلس أمام ضيفه و واصل عمله بنفس الوتيرة دون اهمال حفاوة الاستقبال و كرم
الضيافة ، هذا الهدوء زرع في نفس كريم بدرة أمل ، فأسرع يفرغ جعبته مرة
واحدة و دون مقدمات ...
كريم : هربت خضراء يا عمي مبروك ..
المبروك و بكل هدوء : أعرف ذلك
كريم: أين هي ؟..
المبروك : أردت أن أقول لك ، كنت أنتظر ذلك ، كثر عليها الضغط ، مسكينة
خضراء ، لا ظهر لها و لا عصا ، كأنها غصن طفيلي في شجرة وجب قطعه ، صدق
أبوك لما يسميها اليابسة ، لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي جاءت بها أمك ، حز
في نفسي سؤال و لم أجرأ ، لماذا جاءت بهذه السوداء المسكينة ، كان يظهر لي
انذاك تافها ، قالوا أنها وضعت مخلوقا مشوها و مات ، فعوضوها بهذه السوداء ،
وكتموا عنها ذلك حتى استعادت عافيتها فاخبروها بالحقيقة ، لم تتقبل في أول
الأمر ، الا أن معاملتها لها كانت عكس ذلك ، و الأغرب كانت ترتحصنها بحنو
الامومة الحانية ، كنت أحب خضراء كثيرا كأنها ابنتي ، أحن اليها و أذهب
اليها كل يوم ، و من كثرة اهتمامي بها شعرت بنمو بذرة البغض و الكره عند
سترة أمك اتجاهي ، و لم يهدأ لها بال حتى دبرت مكيدة ، و أحدثت ، سامحها
الله القطيعة بيني و بين الحاج ، فأسمعني ما لم أكن أتوقعه منه ، عيرني و
هددني ، فانقطعت صيلتي بكم .. كبرت خضراء و توظفت في المستشفى حيث كنت أعمل
بوابا ، و تجددت صلتي بها ، فكانت لا تفارقني ، تمنيت أن أخطبها لابني
رابح ، لكنني خشيت ردة فعل الحاج ، و صارحتني بتعلقها بك ...كانت تحبك
كثيرا ،بقاؤها الى اليوم كان بسببك ، تحملت من أجلك الكثير ولكن ..
كان كلامه يقرع قلب كريم قرعا ، و حف المجلس بهيبة الاخلاص و عظمة
الوفاء و صدق التضحية ... كان العطاء كبيرا حتى أعجز الوفاء على
مجاراته ، واستصغر كريم كل مواقفه ،و طابت الجلسة واشتد الحنين ، و تدفقت
الذكريات كمياه الشلال الباردة تغسل الظن من الشك ، وكانت جرعات الشاي
تنزل ساخنة ، تشق في طريقها مهجة الصدر ..
كريم: كأني غريب في هذا البيت ، يحدث كل هذا و لا أحد يعلم !!...
المبروك: انها أرسرار البيوت يا بني ، للنساء فيها شؤون و للرجال
خلفيات ...وفي رأي لا تحاول ، لن تصل الى شيء أبدا ..خضراء عقدة القدر
لا يعرف حلها الا الله
كريم: لا أستطيع يا عمي ، البحث عنها أصبح بالنسبة لي ضروري و أكيد ،
ينتابني شعور غريب و أريد أن أكتشف هذا المجهول الذي يدفع الحدث ،
أتمنى فقط أن لا تكون قد انتحرت
المبروك: لا أتوقع هذا ، انها أقوى بكثير
كريم: هل يمكنها ان تذهب الى الخارج مثلا ؟
المبروك : الذي أعرفه أن ذهابها لم يكن ارتجالي
كريم: استسمحك ، أتركك بخير
المبروك: ماذا حدث ، لا بد و أن هناك قطرة أفاضت الكأس
كريم: نعم يا عمي المبروك ، طعنت أمي بخنجر
المبروك : لا !!.. أبدا غير ممكن ، لم تفعلها ، و لا أصدق ..
كريم: انها الحقيقة رأي العين
المبروك: أبدا ، هناك سر خلف الحدث ، خضراء لا تقتل حتى الذبابة ..
كريم: انها الحقيقة المؤلمة يا عم ، و لهذا أنا مقيد و لا أستطيع أن
أغامر الآن ، أرجوك لا تفشي هذا السر حتى لا يسمعه أهل القرية فينقلب كل
شيء
المبروك : أبدا ..أبدا .. ليتني أستطيع أن أفعل شيئا ..
ذهب كريم و عاد المبروك يبحث عن الحلقة المفقودة ، يسترجع تفاصيل
الماضي و مكائد سترة ، حتى ما تساقط منها على هامش المواجهات ...كانت
الغرفة واسعة ، مفروشة بالزرابي الصحراوية الحمراء ، بعض الوسائد
من الصوف بيضاء كأنها خراف جميلة هنا و هناك ، على الجدار صورة
للكعبة الشريفة ، حلم ما أستطاع تحقيقه ، فوقها ساعة قديمة من عهد
والده ، تنبهه كلما مر من العمر نصف ساعة ، تتزاحم الذكريات في عمقه
و تصارع الابتسامات الكآبة على وجهه ، هو كذلك ذهبت زوجته مرغمة
،توفيت منذ أربع سنوات بالرغم من هذا لا يزال يصنع لأحفاده الفرحة
من ألمه و وحدته ، يحكي لهم همومه المضحكة ،أراد أن يقول لكريم الحقيقة
، لكنه أدرك أن الزمن قد تجازها ، و ربما تفسد أكثر مما تصلح و لا
تساعد في شيء ، فكتمها ، و من يدري ربما يأتي القادم بنفخ في الحدث
جديد ..شق عليه وضعه .
في طريقه الى البيت ، كان كريم مبعثر الأفكار ، يهدده اليأس من جهة ، و
يدفعه العزم الى خوض المغامرة ، يحاول أن يجمع ما استطاع من حصى
لتمهيد الطريق الذي يوصله الى ما وراء الحدث...ما أقساك يا أمي خلف
ذلك الستار .
دخل يجر ذيل الخيبة ..
الأب : أين قضيت يومك ، ما رأيتك طوال النهار
كريم: أبحث عنها
الأب : تتحداني يا كريم ؟..أم هي السذاجة التي ستورطك ...كم أنت أحمق و
مغفل ، يا بني لو كانت اليابسة تحبك كما تدعي، ما كانت لتفارق البيت
أبدا ، و حتى لو عثرت عليها اليوم ، كيف تثبت براءتها أمام الناس ؟..أين
هي الآن ؟.. لقد أصبحت من بنات الشارع
كريم في نفسه : و متى كان للبائسة أب أو أم ، منذ عرفتها و هي تدفع ثمن خطيئة الآخرين ..
ثم قال : الغائب حجته معه ، و من يدري يا أبي يمكن أن يكون قد أصابها مكروه أو انتحرت ...الغضب أوله جنون و آخره ندم
الأب : لا زلت تعيش بالنية الحسنة ، بنات الليل كألسنة الحمير يأكلن الشوك بلذة ..
نظر كريم الى أبيه وكأنه يراه لأول مرة ، يحاول الولوج أكثر الى ذخيرة الشر في ذاته ...
كريم : لا علاقة للزمن بهذه الأمور
الأب :المرأة كالدجاجة تطعمها كل العام ولا تشبعك ليلة ، هكذا قال جدك يرحمه الله
كريم : على كل حال ، أمي ليست كذلك
الأب: أمك من نساء زمان ، كن أمانة في أعناق الرجال ، أما اليوم المرأة حبل
في عنق الرجل ، هذه الأصيلة ، أما اللقيطة مثل اليابسة فحدث ولا حرج
كريم: رغم هذا لا تزال المرأة هي الأم والأخت والزوجة و.... وليست خضراء كل النساء وليست النساء كلهن خضراء
الأب: أشغل نفسك بما هو أهم ، واترك هذه التفاهات ، أستاذ مثلك على أبواب
المستقبل ومحامي في مقتبل العمر ينتظره الكثير : لما كنت في سنك رغم جهلي
..
وبدأ يعيد سرد حكايات مغامراته وتحايلاته وحيله ، حينها كان كريم قد انتقل
الى عالم الافتراضات يحاول الوصول الى المجهول في كل طرح ، وفهم الأب أن
ولده لم يعد يستمع اليه فسكت ..وساد الصمت ، فتنهد كريم ، وقام مستترا
بابتسامة مجزاة ، وترك الوالد يجتر في نفسه أيام شبابه وزهوه ، يلعن كعادته
شيبته وضعفه وهوان أمره ونواهيه ، يلعن وجوده على الهامش بدعوة الحفاظ على
صحته ، وهو يعرف أنه لم يبق فيه الا اللسان السليط ، ولكن لا يهم كما يقول
المثل ، أقلقهم فقط حتى لا ينامون .. وقبل أن يخرج التفت اليه قائلا
كريم : عمي المبروك يبلغك السلام
الأب : المبروك ؟!
كريم: نعم ، عمي المبروك بامبرا
الأب: أسود القلب لا يتحرك الا في الظلام ... خفاش ، لاشك أنه هو من أفسدها
كريم : ما علاقته بها ؟ ولو كان الأمر كذلك لذهبت عنده
الأب : أنت لا تعرف هذا الصنف من البشر ، يحرقون البيت ، ويبكون مع صاحبه
كريم: هكذا اذا ، هي علاقة أطفال ؟ هذا كان صديق الأسرة ، كنا نعده عما لنا
، شاركنا المسرات والمكاره ، أنا لم أر فيه ما ينافي الأخلاق الفاضلة ،
وقد استقبلني بحفاوة بالغة ، كان أطيب ما يكون
الأب: طيب الله لحمه بالنار ، كاد يحطم أسرة بكاملها لولا فطنة أمك
كريم : ماذا فعل ؟
الأب : لا تحاول
كريم : عمي المبروك ؟!
الأب: لا بارك الله فيه وأعماه
كريم: لم نسمع بهذا
الأب: قلت لك لا تحاول
خرج كريم وهو يحاور الأنا ولاتزال خيوط الماضي تتعقد ، وهذه الأسرار جزأها
القدر وعسر جمعها ، وفكك الحدث ووضع في كل منعطف نفسي سببا يبرر خلفيات
سكوت ضاعت دوافعها ، ولا أظن أن السؤال هو مفتاح هذه الأبواب الموصدة ..
ينظر الى أخته ثورة من بؤر الذاكرة بقدر ماضاقت عينيها بقدر ما ضاقت
بصيرتها تتطاير منها شرارات الكره محرقة ، الأم كأنها تمثال نحت من الصم لا
تؤثر فيه فصول الذوات ، باطنه كظاهره ، يتعامل مع الجميع برطوبته وبريق
ظاهره ، العمة حية تسكن دهاليز البيت تتلون بلون الحدث ولا تقول شيئا ،
انها العلبة السوداء ، حتى ترتيب الأثاث وألوان والستائر والصور على
الجدران كانت تصنع نوعا من القلق وكأن اليد التي مرت من هنا كانت تخفي وراء
كل لمسة سر ، ووراء كل شيء ظن ، هذا البيت العتيق من عهد المعمرين تجاوز
المائة سنة تظنه لا يزال يحتفظ بظل أصحابه الى اليوم ، تزرع التنافر لتفرض
وجودها في وسط هؤلاء الأحياء لتنتقم ، كأننا لسنا نحن ، كم من مرة تحدث بعض
الخوارق يستحي أحدنا أن يعيدها ، خوفا من اتهامه بالجبن أو الجنون ، نسر
بها الى بعضنا البعض حتى يعرفها الجميع ولا يذكرها أحد .. عندما ننزل الى
القبو وكأننا في قبر ، يشعر الداخل كأنه يعيش تلك الأفلام المرعبة التي
تسيل العرق البارد في البدن ، نستعجل الخروج متسائلين ماذا حدث هنا ؟ ..
غريب ، كثيرة هي خبايا الحدث بين أفراد أسرة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد ،
رغم كل الفضول ، لا نزال نجهل الكثير ... هكذا حتى وجد نفسه أمام غرفة
مكتبه ، كانت العمة نونة في آخر الرواق فاختفت ، لم يراها منذ ليلة الحادث
...
دخل ، جلس على حافة المكتب ليواصل ذلك المنولوج ، الا أن الحبل الذي كان
يربطه بفلسفة هذا الاكتظاظ انقطع مرة واحدة ووجد نفسه يدور في دائرة مفرغة
حلقاتها من صنع الصمت الذي يحاصر هذا البيت ، الشيء الوحيد الذي يخشاه
الانسان عندما يخوض أي مغامرة أو يريد أن يرفع أي تحد هو عامل الصمت ، لأن
وراء كل سكون عاصفة كما يقول المثل ...
يعود الى حديث أبيه عن المبروك وعن خضراء ، يستحظر تلك العدوانية التي تمكنت من نفسه اتجاههما
-ماذا تريد أن تجني من امرأة أنتجتها الخطيئة ؟
-ماذا سيقول الناس عنا ؟
-ماذا تنتظر من امرأة خبيثة الا ثمار خبيثة !
-المفروك ، لابارك الله فيه وأعماه !
-ذلك الأسود ، أسود القلب !
-انها اللعنة التي لا تزال تطاردنا !
كانت هذه الكلمات تتردد في عمق كريم كأنها انفجارات لألغام قديمة زرعتها
النيات المبيتة لتفجير ما تبقى من الحقيقة ... تذكر العمة نون فقام يبحث
عنها ، في آخر الرواق كان سلم الطابق العلوي ، صعد ، في آخره نافذة تطل على
الحديقة ومدخل البيت ، حيث كانت تقضي العمة أكثر وقتها ، هنا لا يأتي أحد ،
لا الأب ولا الأم ، مرض الروماتيزم وأوجاع الظهر تحول دون المغامرة ،
وثورة لها كل ما تريد في الجناح الأرضي ، بل أكثر من ذلك هي من سمت العمة
نونة بالشبح ، انهما لا تتواجدان في مكان واحد أبدا ، تقول لهم دائما لو
يموت أبي سأطردها شر طردة ، عندما تسمعها نونة تضحك ملأ فاها ، ثم تنظر
اليها بمقت قبل أن تنصرف ، تقول لها دائما. . سنرى من ؟ ..
ذهب الى غرفتها يدق ، لا أحد يرد ..
كريم : عمتي ! عمتي .. ! عمتي ..!
ولما هم بالانصراف ، هاهي ذي قادمة من هناك ، من منعطف الرواق المظلم ،
لعلها تكون قد تعمدت هذا الظهور المفاجئ من حيث لا ينتظرها أحد ، فتحت دخلت
، شرعت أبواب النافذة وعادت ، أشارت اليه فدخل ... كانت صورة الجد بين
النافذتين أمامه ، بشنبه الطويل وعمامته المبرومة كرزمة حبل فوق رأسه ،
برداء قياد فرنسا والسوط في يده ، جوارب حمراء ووسام الشرف الفرنسي على
صدره تزينه الأعلام ...
تدفع شفته السفلى العليا ، ترفعها كهامته في كبرياء وعزة ،بجانبه كلب صيد
أبيض ، هناك واحد يشبهه ، يا سبحان الله ، كأنه هو ، و لكن لا يذكره ،
يحاول ...غير ممكن ،على كل لا يهم ، سيفكر فيه من بعد ..





نسي أنه رأى هذه الصورة بالذات ، على اليمين طاولة من خشب اللوز منقوشة ،
أمامها مقعد خشبي بني ، فوقها مرآة كبيرة جميلة ، على يساره سرير ، فوقه
صورة صياد بكلابه وبندقيته ينظر الى سرب من الطيور ، ثورية من نحاس ، دولاب
كبير يملأ الجدار نقش على الطراز القديم ، هذه الأثاث كلها ، لا يزال
يذكرها ، جمعتها العمة نونة في هذه الغرفة ،تركها المعمر الآسباني و كانت
في غرفة جده ، صندوق عرائس من الطرازالعربي القديم قيل أنه للجدة يرحمها
الله ، متحف يطيل عمر الذاكرة ، جلس على الكرسي ، نظر اليها ويبتسم ..
كريم : لا تزال عمتي تعيش على الزمن الماضي دنيا زمان ، لا شك أن جدي كان
يحبك كثيرا ، فأنت الآن تعيشين على ذكراه ، يقول المثل .. عز البنت الا مع
أبيها وعندما تفقده عيشها يمرار ... منذ عرفتك وأنت في عزلة كم أتمنى أن
أعرف وصية جدي لك ، قال أبي أنك على هذه الحال منذ قتل جدي ، قتله أعراب من
أولاد جرجر أمامك من أجل الجزية لفرنسا ، قاتله هجر الى المغرب ولم يعد ..
لا زلت تحتفظين بآخر كلماته.. لا يشبهه منا أحد ، اني لأستحي لما أتذكر أن
جدي كان عميلا لفرنسا ، خائن أمته ...
قامت ، وقفت أمام الباب وأشارت اليه بالخروج ، ولما قام أدارت وجهها ، خرج
وترك الباب مفتوحا ، أحس أنه وضع أصبعه على الجرح .. وقف أمام السلم قليلا
، لم تغلق الباب بعد ... نزل ولا شك أنها لا تزال واقفة في مكانها ، هل هي
بداية تدفق الذاكرة ؟! ومن يدري ؟!
عاد الى الصالون وجلس ، أحس بالتعب ، استوى ... ارتخى ، يستمع الى نبضات جسمه ، أغمض عينيه ، فنام .. فتح عينيه ... وجدها قادمة
ثورة: تنام نوم النملة ، أجهدت نفسك يا أخي ولا تزال ، العرق دساس كما
يقولون ، والعار عيب على الوجه، يتحدى أيام العمر كلها ، فماذا تريد من
دخيلة السوء ، ألا تدري من أي معدن صنعت ، هذه أشياء لا يتسامح فيها
الناس ، بهذا تثبت أنك ناقص مروءة
كريم: هل هي التي اختارت أن تكون كذلك ؟
ثورة : وأين ذنبنا نحن ؟
كريم : مادامت هكذا لماذا جاءت بها أمك ؟
ثورة:قال أبي كانت ظروفها قاهرة ، وكادت أمك تفقد صوابها عندما منعوها من رؤية ما أنجبت ، فكانت خضراء الحل الأسرع والأنسب
كريم: فسروا لها التشوه بالسواد
ثورة: هكذا قال أبي ، رغم هذا تأسفت و أصابها احباط ، عاشت مرحلة خطيرة جدا ،رامتها
بصعوبة، و من الفاجعة ما وجدت في ثديها حليب ، لأن الصدمة كانت كبيرة ولم
تصدق ، وبعد أن صارحوها كانت خضراء كابوسا ولعنة تطاردها في النوم واليقظة ،
زادت حدتها مع مرور الزمن .
كريم: اختلط عندها الحب بالكره ، هكذا كانت تقول دائما ، حسبي الله في
المفروك ، تريد المبروك ،كأنه هو من نصح بها ، ثم كانت أمك عنصرية يا ثورة ،
هل تعرفين السبب ؟ لأن أجدادك الأوائل كانت خادماتهم سودوات ، كانوا
يعاملوهن بقساوة ، انه تواصل الباطل بين الأجيال ...
ثورة : أبدا ، ليس في الوجود أرحم من أمي ، تبكي لأتفه الأسباب ، طيبة
تحاصرها الشفقة من كل جهة ، ولولا تسامحها وطيبتها ما كانت تحملت خضراء الى
هذا الحد
كريم: أين العيب في خضراء ؟
ثورة : أمي تعرفها أكثر منا جميعا ، هي أقرب الناس اليها ، لا يمكن أن تكرهها بدون ذنب ، مستحيل ، وهل كل شيء يقال ؟
كريم : أكاد أكره كل النساء بما فيهن أمي ، فقد بدأ الشك يساورني حتى في نزاهتها وصون شرفها ، ألا يمكن يا ثورة أن تكون خضراء ...
فقاطعته ثورة : اياك ، واياك ، لا تحاول ، أمك أشرف من كل نساء العالم
كريم: لا ، لا ، أنا أقصد ، بل أريد أن أقول أن وراء خضراء هذه سر كبير ،
اني أحاول أن أجمع الشتات والمعلومات حولها ، الا أن لبنات القصة تتنافر
وتتناثر قبل بلوغ المراد ، كلما اكتشفت شيئا تعمق معناه والسر لا يزال يخفي
السر فأين الحقيقة ؟
ثورة: لا تحاول يا أخي ، هذه طفلة معقدة الأطوار والماضي ، انها لغز منذ
ولادتها وستبقى كذلك ، لا تحاول ، لقد عقدها القدر ، من الأفضل لك أن تهتم
بما يستحق منك الاهتمام ، انك تضيع وقتا ثمينا من حياتك
كريم: لن أرتاح حتى أصل الى حل عقدة هذا اللغز
ثورة: أنت وشأنك ، لكن ما هو مؤكد أنك لن تجد ما يسرك ، ان مزبلة الماضي انتن مما تتوقع
كريم: هل أنت خائفة ؟
ثورة: ولماذا أخاف ؟ يكفي أني متيقنة أنها ليست أختي
ضحك كريم وقال : تخافين على الميراث ، ذهب أمك ومجوهراتها ، والأرض والمحلات و ...
ثورة : لم أكن أتصور أنك تافه الى هذا الحد ، وبتصرفك هذا ستدفعني الى اغتيالك في نفسي ... أنت .. أنت ..
كانت الشرارات تتطاير من عينيها ، وتصلبت أطرافها وظهرت أسنانها كأنها تشد بها على رقبته ...
فقام ، نظر اليها جيدا وكـأنها تحمل كل عيوب الدنيا ، ثم عاد باشمئزاز الى مكانه وقال لها :
هيا ، اذهبي ...
ثورة: وبعد ، لا أريد أن تشاركني في أمي وأبي لقيطة سوداء
كريم: قولي ، في مال أبي و أمي ، هيا انصرفي خير لي ولك ....
فذهبت بغصتها ، تذكر جده والسوط في يده ، انها لا تشبهه الا في الخلق ،
الشيء الذي هو متأكد منه أنه رأى شبيه جده ، ولكن أين ، لا يذكره ، كان
جميلا جدا حتى تقول أن أمه من جميلات فرنسا ، يقال عنه أنه كان زير نساء ،
يمكن أن يكونوا قد قتلوه من أجل امرأة ، ولم لا ، ماضي عائلتنا مليء
بالتناقضات وأول ضحية هي الحقيقة ، ومن كانت ترد طلب القائد آنذاك ، وأي
قائد ...
شغلته قصة خضراء عن التحضيرات لفتح مكتبه الجديد ، لقد أدى القسم الأسبوع
الماضي وتم تعيينه محاميا لدى المحكمة ، انه الآن الأستاذ كريم .. العباءة
السوداء والمحفظة ، انه الآن من المدافعين عن الحق ، المنقبين عن الحقيقة
... يبتسم ، ما أعظمها مهمة لو لم يشوهوها ... كان كريم طويلا لا يعاب
وعريضا حد البسطة ، ليس بالجميل الذي يفتن ، ولا بالغليظ الذي ينفر ،
اجتمعت في شخصيته الهيبة والطيبة وحسن السلوك ، يعرف كيف يقول الحق وكيف
يزهق الباطل بعيدا عن التكلف والتلفيق ، جديته في الدراسة ساعدته على
التحكم في سير النقاش ، أبهراللجنة يوم ناقش رسالته ، يتميز بثقة كبيرة في
نفسه ، وقرر أن يذهب بعيدا ربما الى منظمة حقوق الانسان العالمية ، ولم لا
... انه العلم والطموح ... هل خضراء هي الباب الأول الذي سيدخل منه الى
عالم التحريات ومطاردة الحقيقة ؟ ربما .. انه الآن وسط الدوامة وهو عامل
فعال من عواملها ، الى أن يصل اليه أول موكل ، وهذا ليس غدا فسيتفرغ كليا
لذلك ، والسؤال المحوري الذي لم يجد له جواب ، لماذا تريد أمه التخلص من
خضراء ؟ ولا تريد أن يتذكرها أحد ، نشر صورتها في الجرائد وتبليغ الشرطة
عنها هي فضيحة لكل العائلة في وسط هذا المجتمع الذي لا يرحم ، انه شرف
العائلة الذي ولا شك ان انتهك ستقتل العصبية العمياء الأب الذي يعاني من
عدة أمراض ، السكري ، والقلب ، انها الصفعة التي تضع النهاية له ، وسيقول
الجميع وخاصة الأعراب من قبيلتهم ، ذل الحاج ، وقتله ابنه بكلام المدارس ،
فماذا أنت فاعل يا كريم ؟ قال الأب ، خضراء سافرت ، هكذا يجب أن يطوى
الملف نهائيا ، انها أعظم جريمة يفتتح بها مسيرته القانونية ، ويخون قسمه ،
فأين الضمير يا كريم .. ذلك هو الحق يجب أن نضحي من أجله بالباطل حتى ولو
كان النفس والنفيس ، مثله مثل الحرية لا يقبل الشريك ولا يحتمل التزوير ...
أصبحت خضراء همه الوحيد ، يهيم بها شوقا ، يدخل الى غرفتها كل ليلة ، يجلس
، يستمع الى حديث أشيائها ،ويحمله معه حيثما أرتحل وحل ، وبدأت غمامات
الحزن والأسى تغمر البيت ، وكيف لا وكريم هو الولد الوحيد ، ولي عهد الحاج
وحامل اسمه والمحافظ على بقائه وخلود ذكره ، وبدأ يعتزل ، ويغيب عن مواعيد
الطعام وموائد والسهرات ، مقيد لا يستطيع أن يفعل شيئا ... غارت ابتساماته
يقاوم تدفق العبرات وتصلبت عضلات وجهه ، لأن البكاء في عرفهم للنساء ،
ونحيب الرجال آهات وتأوهات ، الشيء الوحيد الذي كان يشغله هو تفانيه في
عمله ودفاعه عن المظلومين ، أولئك الذين وكلوه للدفاع عنهم ، فكان يرافع
ليرفع عنهم ما استطاع من جور وظلم وهضم الحقوق ، يجد راحته في ذلك ، ويتدمر
عندما يخسر قضية وراءها رشوة ،أحيل عدة مرات أمام لجنة التأديب لانتفاضه
أمامي القاضي عندما تنتهك حرمة القانون ، وتمر بعض الأحكام تحت ابتسامات
القضاة ، لحماس هذا الشاب وايمانه بقداسة القانون ، يعجبون به كثيرا
ويتمنون له مستقبلا زاهرا ، وذاع صيته واشتد القيد على معصميه أكثر وعندما
تعاوده الذكرى ، يذهب الى عمي المبروك لعله ينتزع منه بعض الخفايا ، الا
أن المبروك يعرف ذلك ، فكان يتحفظ كثيرا ويحول دائما مجرى الحديث ...
كان في غرفة المكتب دائما كعادته يسهر الى ساعة متأخرة من الليل ، وقبل أن
ينام ، يمر على غرفتها تنتعش الذكريات ويتجدد الحدث في ذاته ...
دخلت دون اذن ، جلست أمامه ، لم يرفع رأسه ، لا يزال منهمكا في ترتيب ملفاته ، قال:
مرحبا أمي ، لم تنامي بعد ؟
الأم: وكيف لي أن أنام وأنت في هذه الحالة ؟ هجرتنا ، وجردتنا من الفرحة
بك وافتخارنا بك ، وألزمتنا الحزن والآه ، أبوك يئن تحت وطأة تصرفاتك ،
يخشى عليك ويخشى أن تتهور وتكشف المستور ، فتضيع هيبتنا ويزدرينا الناس
ونتحول أحاديث دنايا القوم وأراذلة القبائل وصعاليكها ، واليوم أنت في
العلا يحسب لنا بك ألف حساب ، ما وجدت من وسيلة أواسيك بها سوى أن أعرض
عليك فكرة الزواج ، يمكن أن تجد فيها البديل ، بل الأفضل ، ألا تظن أن
خضراء انتهى أمرها وأصبحت ذكرى وأثرا لشبح مر من هنا ؟ .. ارحم نفسك يا بني
، أنت لأفضل منها أفضل ، لماذا تريد أن تنزل بالسلالة الى هذا الحضيض ، ما
ركع جدك ولا أبوك أبدا ولا ركب الدنايا ، قتل جدك لتصلبه وأنفته وعزته
وتحديه الجميع ، وأنت اليوم أكبر ، فأعرض عن هذا واترك الزمن كفيل بتغيير
مجاري الحياة ، ان ما نحن عليه اليوم ما توقعناه من قبل أبدا ، كنا نراك
وأنت صغير سيد القوم وحكيم الديار ونافذا في السلطة وابن النظام ، فاذا أنت
اليوم محام تملأ القضاء همة ، حتى قالوا ، عندما يتكلم الأستاذ كريم وكأن
الطير على رؤوس الجميع ، وهذه الهيبة ماصنعتها لك دراستك فقط ، بل هي ميراث
وتواصل الأجيال ، كلهم يعرفون ابن من أنت يا كريم ، وما فائدة هذه القراية
التي لا تعرفك بنفسك وتنزلك منزلتك ، هؤلاء كلهم أكلوا وشربوا من خيراتنا ،
أكرمنا الجميع وساعدنا الجميع ، أينما يدخل أبوك يرفع في الباب وتفتح له
الصدور ، يقضي حوائجه ويخرج معززا مكرما ... هناك في البادية لا يتحرك
الأعراب الا باشارته ، كل القبيلة تدين له بالولاء ، هو الذي لم يجلس يوما
على مقعد ، باستثناء ما قرأه من قرآن في الكتاب وحفظ بعض الأحزاب ، وكان
يرافق جدك لكتابة بعض تقارير الأهالي ، فتعلم الكثير ، انها العزة التي
نشأت فيها ، فكن في المستوى ...
كان كريم يستمع الى أمه وهي تعيد للمرة الألف مغامرات زوجها ومآثره
كريم: يا أمي ، يا أمي ، كل شيء تغير الا أنت وأبي ، الناس يطيعونكم لأنكم
اشتريتم ذممهم ، واكتشفتم أسرارهم ، وتعرفون عنهم مالا يعرفه غيركم ، انه
ولاء الخوف يا أمي ، الخوف من الفضيحة ، الخوف من السجن ، الخوف من تصفية
الحسابات ، ان نفوذ أبي هو الذي صنع له هذا المجد المزيف وسيزول يوما ونظهر
جميعا على حقيقتنا .. المهم لقد تأخر الوقت يا حبيبتي ، غدا نتكلم في
الأمر ، أما الآن فهيا بنا الى النوم ، أرافقك الى غرفتك ، ادخلي بهدوء حتى
لا يستيقظ أبي
الأم: لا .. أبدا ، لن أخرج من هنا الا بكلمة فصل ! .. يا بني ، يا بني ،
أحرقت كبدي والقلب ينزف جرحك ، غير ممكن يا كريم أرتاح وأنت في هذه الحالة !
وكأنك لا تعرفنا ولا نعرفك ، أغيرتك السوداء الى هذا الحد ؟ ، حتى أصبحت
تكرهنا !! ، أمن أجل امرأة يا كريم تعاقب والديك وتنتقم منهما ؟ عيب يا
كريم ، انها خوارم المروءة وابتذال الشهامة ، أم أنت تمثل علينا لنرحم
زلتها ؟ أبدا يا كريم لا تحاول ، خضراء هجرتنا هجر السوء ، لا نريد أن
نجاهر به حتى لا نفضحها ونفضح أنفسنا ، وأقول لك أحسن ما فعلت ، و أكيد
أنها لن تعود حتى لو وجدناها وحاولنا ذلك .. فابحث عن غيرها ..
كريم: سأفكر يا أمي ، ارتاحي الآن ، زواج الدوام يجب التفكير فيه عام ، كما يقول المثل ..
قامت ، دارت حول المكتب ، وضعت يدها على كتفيه تعانقه ، وفاضت العبرات تتكركب كحبات البرد وهي تقول :
أرجوك يا كبدي ، لا تخذلني ، أتمنى أن أرى ولدك قبل أن أرحل ، انني أقاوم
للبقاء والمرض هتك حرمة صحتي ، اني أعاني .. نعم أعاني .. سأموت يا كريم ،
وستذكر هذه اللحظة بالذات ...
استوت واقفة ، نظرت اليه ،أراد أن يقوم فأشارت اليه فرجع ، انصرفت ، وغلقت الباب وراءها
أحس كريم بقشعريرة في كامل جسده ، سأموت يا كريم .. سأموت يا كريم ... فزعت
كل المدارك ونفخ شعور غريب في نفسه .. فداك نفسي يا أمي ، فداك نفسي ...









































































</td>
</tr>
</table>













<table border="0" cellpadding="4" cellspacing="1">
<tr>
<td class="thead">مختار سعيدي</td>
</tr>

<tr><td class="vbmenu_option">مشاهدة ملفه الشخصي</td></tr>


<tr><td class="vbmenu_option">إرسال رسالة خاصة إلى مختار سعيدي</td></tr>




<tr><td class="vbmenu_option">البحث عن المشاركات التي كتبها مختار سعيدي</td></tr>



</table>





























<table class="tborder" style="border-bottom-width: 0px;" align="center" border="0" cellpadding="6" cellspacing="1" width="100%">
<tr>
<td class="tcat" width="100%">
</td>
<td class="vbmenu_control" id="threadtools" nowrap="nowrap">
</td>

<td class="vbmenu_control" id="threadsearch" nowrap="nowrap">
</td>






</tr>
</table>



<table class="tborder" id="post2120967" align="center" border="0" cellpadding="6" cellspacing="1" width="100%">
<tr>
<td class="thead">
</td>
</tr>
<tr>
<td class="alt2" style="padding: 0px;">
<table border="0" cellpadding="0" cellspacing="6" width="100%">
<tr>


<td nowrap="nowrap">

















</td>
<td width="100%"> </td>
<td valign="top" nowrap="nowrap">
</td></tr></table></td></tr><tr><td class="alt1" id="td_post_2120967">





































</td></tr></table>

sara.baby
sara.baby
المشرف العام
المشرف العام
عدد المساهمات : 738
تاريخ التسجيل : 14/12/2011

رواية ....الرخام الأسود 2 Empty رد: رواية ....الرخام الأسود 2

الثلاثاء يناير 24, 2012 3:43 pm
مشكووور موضوع رائع
avatar
abfelhamid10
الاعضاء
عدد المساهمات : 5055
تاريخ التسجيل : 24/01/2011

رواية ....الرخام الأسود 2 Empty رد: رواية ....الرخام الأسود 2

الأربعاء يناير 25, 2012 7:28 am
merciiiiiiiiiii sara
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى